هل تسلك ظروف وتطورات المنطقة طريق التسويات؟ تتشعّب اهتمامات القوى الدولية المؤثرة في الشرق الأوسط، خصوصاً في ظل الانشغال الأميركي بالاستحقاق الانتخابي، والذي سيتقدم على كل الملفات الأخرى. كذلك بالنسبة إلى الوضع الأوروبي ما بعد انتخابات الاتحاد والتي تقدم فيها اليمين المتطرف، وصولاً إلى الانتخابات الفرنسية، التي سُحق فيها تحالف الرئيس ايمانويل ماكرون لصالح أقصى اليمين، من دون اغفال اهتمام أوروبا كلها بالحرب الروسية على أوكرانيا.
على مستوى المنطقة، هناك الانتخابات الإيرانية وانتظار جولتها الثانية، بينما في الجولة الأولى أظهر الإصلاحيون تقدماً مشهوداً. ولكن لا بد من انتظار نتائج الجولة الثانية. فإذا فاز مرشح الإصلاحيين سيكون ذلك مؤشراً على السعي الإيراني إلى المزيد من التقارب مع القوى الدولية ومع قوى المنطقة.
انتصار غير مكتمل
وسط كل هذه الإنشغالات الدولية والإقليمية، لا تزال الأنظار متركزة على قطاع غزة واستمرار الحرب الإسرائيلية، وسط ضغوط تُمارس لوقف الحرب الموسعة، وهو ما يستجيب له رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للانتقال إلى مرحلة من الضربات الموضعية بدلاً من مواصلة الحرب البرية الموسعة. وذلك يقضي اعلان انتصار غير مكتمل ستكون تداعياته كبيرة على الداخل الإسرائيلي بينما يحرص نتنياهو على البقاء في حالة الحرب مقابل انسحاب من بعض مناطق القطاع ولكن مع الإحتفاظ بشقه إلى قسمين شمالي وجنوبي، واستمرار السيطرة على محور فيلاديلفيا بالإضافة إلى السيطرة على محور نتساريم.
هوكشتاين في باريس
بانتظار هذه التطورات، لا يزال لبنان معنياً بكل ما يدور من مفاوضات دولية وإقليمية، خصوصاً في ظل ترقب لوفد ألماني سيزور بيروت، لمتابعة زيارة وزيرة الخارجية الألمانية الأسبوع الفائت. علماً ان هذا الوفد سيلتقي بحزب الله، للبحث بالوضع على الحدود الجنوبية وكيفية خفض التصعيد، بالإضافة إلى البحث في كيفية استمرار عمل قوات اليونيفيل، وتعزيز دور الجيش اللبناني.
ملف الجنوب سيكون حاضراً في باريس خلال زيارة المبعوث الأميركي، آموس هوكشتاين، ولقائه بالمبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان. كما أن بعض المعلومات في بيروت تشير إلى أن قطر وبعد مطالبة أميركية، دخلت على خط البحث عن تسوية وخفض التصعيد، وتجنب الذهاب إلى حرب واسعة بين حزب الله واسرائيل.
رد الحزب
تتركز الأسئلة الخارجية والداخلية حول كيفية تعاطي حزب الله مع التطورات، بعد انتقال الإسرائيليين إلى المرحلة الثالثة من الحرب على غزة، وإذا كان الحزب سيخفض منسوب عملياته ضد الإسرائيليين، لينطلق مسار التفاوض حول كيفية ترتيب الأوضاع الحدودية.
لم يقدّم الحزب أي جواب رسمي حتى الآن، لكنه يردّ على التهديد بالتهديد، وعلى التهدئة بالتهدئة، كما أنه لا يريد أن يكون ملكياً أكثر من الملك. وهو سيراقب مجريات الوضع في غزة وكيفية تعاطي حركة حماس مع التطورات ليبني على الشيء مقتضاه.
في هذا السياق، تشير أجواء إقليمية ودولية إلى أن الحزب أعطى مؤشرات إيجابية حول الاستعداد للنقاش والبحث، لا سيما أن هناك إشارات عملانية قد ظهرت من خلال خفض وتراجع منسوب العمليات بين الحزب من جهة والإسرائيليين من جهة أخرى.
منير الربيع – المدن