- Advertisement -

- Advertisement -

“الخطة ب”: جنبلاط فعلها مجدّداً وخلط الأوراق

لا يُحسد جبران باسيل على موقفه، أو موقعه. وضع نفسه في الزاوية مع أنّه وريث زعامة تاريخية اجتاحت البيئة المسيحية كموجة تسونامي، وهو لا يزال حتى اللحظة رئيس أكبر كتلة نيابية مسيحية، ورئيس حزب له حضوره وامتداده الجغرافي. ولكن في السياسة، هو مأزوم. لا بل مأزوم جداً.

وفي اختصار مقتضب لأزمته يمكن القول: هي معادلة الخسارة – الخسارة التي تتحكّم به. اذا ما وصل رئيس تيار المردة سليمان فرنجية إلى قصر بعبدا، ولو باتفاق مسبق وبضمانات من «حزب الله»، فسيكون الطبق العوني، عرضة للقضم والشراكة مع العهد الجديد. واذا ما انتخب قائد الجيش العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية فسيكون الجمهور العوني مساحة متاحة للعهد الجديد. لذلك يصرّ باسيل على المرشح الثالث، يكون عرّابه وعرّاب عهده. ولكن من يلاقيه إلى هذا الطريق؟

فعلياً، لم يترك رئيس «التيار الوطنيّ الحر» لنفسه صديقاً أو حليفاً يفتح له باب التعاون والتفاهم. وجلّ ما فعله يوم الأحد خلال مؤتمره الصحافي، يؤكد أنّه مزروك في الزاوية… لدرجة الاستعانة بآخر خرطوشتين في جيبه:

Ralph Zgheib – Insurance Ad

– الأولى هي «طلقة» ترشّحه وهو المتيقّن أنّها ورقة فاقدة الصلاحية، لا دور لها إلّا التعطيل:

تعطيل احتمال تسرّب أصوات تكتل لبنان القوي إلى الخارج خصوصاً وأنّ مجموعة من هؤلاء كرّست حالة أمر واقع كفريق متمايز داخل التكتل. صحيح أنّ هؤلاء لا يجاهرون بهذا الخطّ الفاصل فيما يرفض باسيل كسر الجرة خشية من كسر لحمة تكتله، لكنه يعرف كما بقية الكتل النيابية، الحليفة والخصمة، أنّ تكتل لبنان القوي صار تكتليْن. الأمر الذي يضع باسيل أمام واقعين أحلاهما مرّ: المواجهة قد تؤدي إلى تصدّع التكتل، والعضّ على الجرح سيزيد من حدّة التباعد وسيقلّص حجم نفوذه الداخلي.

كما أنّ همّ باسيل هو تعطيل مفاعيل قوة الدفع التي يمارسها بعض من هؤلاء تحت عنوان «اذا لم تكن مرشحاً لماذا لا نرشّح أحد النواب العونيين»، فهو من جهة يخشى أن ترشيح أحدهم قد يخلق ديناميكية جدّية، خاصة أن مشكلة معظم الأفرقاء السياسيين مع باسيل ناتجة من تجربته الشخصية معهم خلال «عهده» الرئاسي وليست مشكلة مع فريق «التيار»، وهو من جهة أخرى يعلم أن موقف النواب هذا يمنعه من استخدام التكتل كمنصة لتحقيق أهدافه الخاصة والذاتية أو لتصفية حساباته الشخصية على حساب مصلحة الفريق ككلّ، ويقطع عليه طريق سيناريو تبنّي أحد المرشحين وهم لا ناقة ولا جمل لهم فيه. بهذا المعنى يحاول باسيل أن يقود حملة مضادة من خلال العودة إلى المربع الأول: أنا المرشح لكي يعيد استقطاب كلّ مكونات التكتل ولو على مضض.

– الثانية هي فتح الباب أمام احتمال التفاهم مع الخصوم، وتحديداً «القوات»، اذا لم يكن على مرشح ثالث، فليكن على تعطيل وصول فرنجية. إلا أنّ دون تحقيق هذا الأمر رفض رئيس «القوات» سمير جعجع لأيّ تفاهم ثنائي مع باسيل لاعتبارات عديدة أهمها الخلاف الشخصي وانعدام الثقة. ومع ذلك ثمة من يعتبر أنّه في اللحظات الحاسمة، تصير كلّ الاحتمالات ممكنة ومتاحة.

ولكن إلى الآن، يبدو أنّ رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط هو الوحيد الذي ترك كوة في العلاقة المستجدة مع جبران باسيل من خلال ضمّ جهاد أزعور إلى القائمة التي يروّج لها الاشتراكيون تحت عنوان «الخطة ب». إلى جانب أزعور، تضمّ اللائحة كلّا من قائد الجيش وصلاح حنين.

رسمياً، وعلنياً، خرج جنبلاط من ترشيح ميشال معوض. سبق لنوابه أن وضعوا الأخير في هذا الاحتمال من باب البحث سوياً عن مرشح ثالث قادر على تحقيق الخرق. كذلك فعلوا مع «القوات» من خلال التنسيق المباشر الحاصل بين ملحم رياشي ووائل بو فاعور. هكذا، يكون جنبلاط قد أمسك العصا من وسطها. جوزاف عون بكفّة، وهو المقبول من أكثر من طرف دولي واقليمي ومحلي ومنها القوات. وجهاد أزعور الذي يودعه باسيل ضمن الترشيحات المفضّلة لديه، بكفة أخرى. مع أنّ الزعيم الدرزي أبلغ من التقاهم أنّه لم يقفل اللائحة ومستعد لضمّ أي اسم مرشح ليكون توافقياً. ليكون بذلك قد ضمن وقوفه إلى جانب أي من الموارنة الممكن له أن يصل إلى النهائيات. لكنه في المقابل اتُهم بأنّه يلعب على وتر الخلاف المسيحي – المسيحي بينما ثمة من يرى أنّ الزعيم الدرزي لن يساير باسيل، واذا ما اضطر لعقد تفاهم مع هذا الفريق، فسيكون مع الثنائي الشيعي حتماً.

بهذا المعنى، سيكون اللقاء اليوم بين جنبلاط وصديقه القديم رئيس مجلس النواب نبيه بري مع العلم أنّ الأخير لا يزال يؤكد أمام زواره أنّه «لن يختلف ووليد بيك» ولو أنّه لم يكن في جو المبادرة التي أطلقها الأخير، فيما سيكون نجله تيمور في بكركي ضمن جولة يقودها بين المرجعيات الروحية والقيادات السياسية من باب تفعيل الحوار الرئاسي، وتطويق الخطاب المتشدد، بالتوازي مع ورشة عمل يخوضها الحزب التقدمي لإعداد ورقة توثق الفروقات بين اللامركزية الإدارية والفدرالية وغيرها من الطروحات المشابهة.

ولكن هل بات المناخ الاقليمي جاهزاً لتحقيق خرق ما على المستوى الداخلي؟

يقول بعض المواكبين إنّ قطر تسعى إلى وضع شيء ما في جيبها قبل الجلوس إلى طاولة اللقاء الفرنسي الذي يفترض حصوله خلال أيام قليلة مقبلة. ويُرجح أنّ اللقاء القطري – الايراني الذي حصل في طهران على مستوى وزراء الخارجية، تطرق إلى الملف اللبناني. أمّا نتائجه، فيفترض ترقّب لقاء باريس للبناء عليه.

كلير شكر – نداء الوطن

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد