بقلم جان الفغالي- “أخباراليوم”
كان يُقال: “مَن فتح مدرسةً أقفل سجنًا”، هل هذه المقولة مازالت صالحة في ايامنا اللبنانية هذه؟
الوضع التربوي في لبنان بات اصعب بكثير من فتح مدرسة وإقفال سجن. المشكلة ليست في توافر المدارس بل في توافر الجسم التعليمي، وحتى لو توافر، هناك مشكلة في الواقع الطالبي.
التعليم الرسمي في أزمة، التعليم الخاص في أزمة، التعليم الجامعي الخاص في أزمة، الجامعة اللبنانية في أزمة. هذا الواقع لا يمكن تجزئته، فإما أن يُعالَج بمجمله، وإما تكون المعالجات المجتزأة مجرّد مسكِّنات فيما المطلوب عملية جراحية.
كثيرٌ من المدارس الخاصة “نزح” منها طلابها بسبب عدم قدرة أهاليهم على تسديد الأقساط التي صارت بمعظمها مدولرة بما لا طاقة للاهل على تحمله. ظاهرة النزوح من الخاص إلى الرسمي، تُلقي بثقلها على المدارس الرسمية التي تنوء تحت عبء النقص في جهازها التعليمي بسبب الهجرة او الإنكفاء عن التعليم الذي مازال رسالة لكن شرط ان تكون هذه الرسالة مدفوعة لا ان تكون الرواتب قد اصبحت شبه رمزية.
مشكلة إضافية ستواجهها المدارس الخاصة، وهي كيفية استيفاء اقساط أبناء موظفي القطاع العام والاسلاك العسكرية. المدارس الخاصة قررت ان تستوفي أقساطها بالدولار، لكن موظفي القطاع العام وعناصر الاسلاك العسكرية من أين سيأتون بالدولار لتسديد الأقساط؟
” طمأن ” أحد المسؤولين في القطاع التربوي الخاص، إلى أنه طلب من المدارس الكاثوليكية عدم استيفاء الاقساط بالدولار من أبناء عناصر المؤسسات العسكرية. خطوة إنسانية متقدِّمة، ولكن هل تمت دراسة أكلافها؟ ومَن سيسدِّد هذه الأكلاف؟ يقول مصدر تربوي متابِع: يُخشى ان تكون هذه الخطوة شعبوية، بمعنى ان لا تحقق الغاية منها بسبب عدم طاقة المدارس المعنية على هذه الاستثناءات التي طرحها المسؤول المعني.
الوضع في المدارس الرسمية أكثر سوءًا، هناك تسرُّبٌ طالبي مردّه إلى انكفاء عدد من الطلاب عن الإلتحاق بالمدارس بغية مساعدة أهلهم في تكاليف الحياة، وهذا ما سينعكس بقوة على المجتمع اللبناني الذي سترتفع فيه نسبة الذين لا يحملون شهادات، حتى المتوسطة منها.
هذه الملفات مجتمعةً سيحملها غدًا الثلاثاء وزير التربية عباس الحلبي ومدير عام التربية بالتكليف الاستاذ عماد الاشقر، لوضعها على طاولة لجنة التربية النيابية، وللإجابة عن كل الاسئلة التي سيطرحها اعضاء اللجنة، وليست المرة الأولى التي يثير فيها وزير التربية ومدير عام التربية هذه الأزمة التي تكاد تتحول إلى معضلة، فهل من آذان مصغية هذه المرة لدى المعنيين في السلطتين التشريعية والتنفيذية؟
اقل من شهر وتبدأ السنة الدراسية، فكيف ستبدأ؟ وهل تكون بدايتها، نهايتها في آن واحد؟ صحيح ان السؤال قاسٍ، لكن من الآن فصاعدًا، لا بد من طرح الامور كما هي، إذا كانت هناك جدية في المعالجة التي تقع على عاتق السلطة السياسية،لأن القرار سياسي في نهاية المطاف .