لا تحتاج إسرائيل إلى ذرائع لتشنّ حربا واسعة ضد لبنان. وكما هو معلوم، فإن قرار توسعة الحرب بيدها، كون كل الدول المعنية بالتطورات العسكرية والحربية والفصائل المنخرطة فيها، لا تريد الذهاب إلى حرب واسعة، وتعمل وفق قواعد الاشتباك الحالية، في انتظار إبرام الاتفاق حول وقف إطلاق النار في غزة حتى تهدأ كل الجبهات.
وحده «الزعيم الوطني» وليد جنبلاط، بحسب مصدر قريب من ثنائي حركة «أمل» و«حزب الله»، «تنبه سريعا إلى مرامي مجزرة قرية مجدل شمس في الجولان السوري المحتل». وتابع المصدر: «بينما أصيبت قيادات لبنانية معنية بالضياع وانتابها الصمت، سارع الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي إلى تنوير الرأي العام ببعديه الوطني الشامل والدرزي الخاص، إلى حقيقة النيات الإسرائيلية الخبيثة، وان الهدف هو إحداث فتنة تمتد من سورية ولا تنتهي في لبنان، مصادقا على بيان حزب الله حول عدم مسؤوليته عن اطلاق الصاروخ الذي أدى إلى هذه المجزرة المروعة».
واعتبر المصدر «ان هذا الموقف للزعيم الجنبلاطي محل تقدير عال من قبل الثنائي». وذكر «ان موقف الزعيم وليد جنبلاط، كان الرد الحاسم الذي أبطل فتنة الصاروخ المشبوه والمعروف المصدر الإسرائيلي، وهو الذي استطاع بعدة كلمات أن يقلب المشهد الذي جهد الإسرائيلي وفق عملية تسويق كاذبة لتعميمه كحقيقة أمام الرأي العام العالمي، اذ لفت هذا التحضير المسبق من قبل الخارجية الإسرائيلية التي كانت لديها خطة جاهزة باشرتها لحظة سقوط الصاروخ، وانطلقت بحملة دعائية تضليلية باتجاه وزراء خارجية الدول الغربية والإقليمية، زاعمة ان المجزرة من فعل لبناني».
وأضاف المصدر: «استهداف مجدل شمس بالذات، والتي رفض أهلها تاريخيا الجنسية الإسرائيلية، لا ينفصل إطلاقا عن الحنق الإسرائيلي من أداء القيادات الدرزية في سورية ولبنان، القائم على مناصرة القضية الفلسطينية، والتضامن مع أهل غزة الذين ترتكب بحقهم أبشع وأخطر مذبحة في التاريخ الحديث. وبالتالي لجأ الإسرائيلي إلى زرع بذور الفتنة انتقاما من هذا الموقف العروبي للقيادات الدرزية، والذي حدد بوصلتها الزعيم وليد جنبلاط، عندما كان أيضا السباق في توصيف الواقع منذ السابع من أكتوبر الماضي، واصطف بالكامل إلى جانب القضية الفلسطينية، مؤمنا الغطاء الوطني لجبهة الإسناد في الجنوب اللبناني، وغير آبه بالمخاطر الناجمة عن هذه المواقف المتقدمة والتي هي من صميم نهج الحزب التقدمي الاشتراكي».
وأكد المصدر ان «هناك تنسيقا على مستوى رفيع في لبنان، لاسيما بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والزعيم الاشتراكي وليد جنبلاط. وهذا التنسيق والتماهي في المواقف يشكل صمام الأمان لعدم حدوث أي خروقات للساحة اللبنانية، تهدف إلى توتير داخلي مفتعل، لا بل لاستيعاب أية مفاعيل لأي حادث قد تلجأ اليه جهات معادية همها الأساسي إرباك الساحة اللبنانية وأخذها إلى مسار مختلف قائم على التوتر والفوضى. والدور الذي يلعبه جنبلاط في هذه المرحلة يفترض ان ينسحب على كل القيادات اللبنانية السياسية والدينية، على قاعدة ان الوحدة الوطنية، وتحديدا في ظل التهديد الإسرائيلي القائم بتدمير لبنان، هي أمضى سلاح في مواجهة عدوانية إسرائيل».
في السياق عينه، كشف مصدر ديبلوماسي في بيروت لـ «الأنباء» ان «التهديد الإسرائيلي بتوسعة الحرب ليس جديدا، لا بل هناك رسائل واضحة ومستمرة، من ان إسرائيل تتحضر لتوجيه ضربة جوية وصاروخية تدميرية تشمل الجنوب امتدادا إلى البقاع، لاسيما السلسلتين الشرقية والغربية، بالإضافة إلى بنك اهداف محدد في الضاحية الجنوبية، تحسبا لأي عمل عسكري اسرائيلي».
وأشار المصدر إلى ان «التوتر والتصعيد في المواقف الإسرائيلية سيستمر. ولا نتوقع توجيه ضربة في الأيام الثلاثة المقبلة، كون رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، أبلغ رئيس الحكومة (حكومة تصريف الأعمال) اللبنانية نجيب ميقاتي، عن إرسال موفد خاص من قبله إلى لبنان سيصل إلى بيروت يوم الأربعاء المقبل، ويبدأ محادثاته مع القيادات اللبنانية، لاسيما رئيسي المجلس النيابي والحكومة. وسيتركز البحث على الأجواء الحربية التصعيدية وسبل تفادي الذهاب إلى حرب واسعة».
داود رمال – الأنباء الكويتية