لارا يزبك – “المركزية”
المركزية- سقط لبنان في الشغور الرئاسي، المعطوف الى شبه شغور حكومي، بفعل وجود حكومة تصريف أعمال لا حكومة كاملة الصلاحيات تتولى قيادة البلاد في المرحلة المقبلة. غير ان هذه الوضعية المقلقة لم تترافق مع اي استنفار دولي جدي، لمحاولة إيجاد مخرج للازمة السياسية اللبنانية التي تحلّ على بلد منكوب ومنهار على الصعد كافة.
فوفق ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”، تم في الساعات الماضية، تسجيل بيانات ومواقف لبعض العواصم، خُصّصت للتطرق الى الوضع اللبناني. الخارجية الفرنسية قالت امس: يمر لبنان بأزمة اقتصادية ومالية واجتماعية خطيرة وغير مسبوقة ، الأمر الذي يتطلب حسن سير جميع مؤسساته من رئاسة ، حكومة ، ومجلس نواب لاتخاذ الإجراءات اللازمة لنهوض البلاد وتحسين أوضاع اللبنانيين بشكل عاجل. وفي هذا السياق ، تدعو فرنسا جميع الفاعلين اللبنانيين إلى تحمل مسؤولياتهم والارتقاء، من أجل لبنان والشعب اللبناني. وهي تدعو النواب اللبنانيين ومن دون تأخر الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
من جانبه، دعا الاتحاد الأوروبي “مرة أخرى القيادات اللبنانية إلى تنظيم انتخابات رئاسية وتشكيل حكومة بأقصى سرعة”. وجاء في بيان صدر عنه امس “في تموز الماضي، جدد الاتحاد الأوروبي إطار عقوبات يسمح بفرض إجراءات تقييدية على الأفراد أو الكيانات التي تمنع الخروج من الأزمة اللبنانية. وبهدف تسهيل صرف التمويل الدولي الإضافي وكبح الاتجاه المتدهور للاقتصاد اللبناني، يجب التوصل إلى اتفاق تمويل مع صندوق النقد الدولي. ويجب إنجاز الإصلاحات الرئيسية التي طال انتظارها دون مزيد من التأخير”. واذ ذكر ان “منذ الانتخابات العامة الأخيرة في أيار الماضي، لم يتم تشكيل حكومة. ويحدث هذا الفراغ السياسي في وقت يواجه فيه لبنان وضعاً اجتماعياً واقتصادياً متدهوراً. ومن شأن التقلبات المؤسسية المصحوبة بعدم الاستقرار الاقتصادي أن تشكل مخاطر جسيمة على لبنان وشعبه”، ختم “يبقى الاتحاد الأوروبي ملتزماً مواصلة مساعدة لبنان وشعبه للمضي قدماً نحو التعافي والاستقرار اللذين يستحقهما. في الوقت نفسه، يحض الاتحاد الأوروبي القيادات اللبنانية على الاضطلاع بمسؤولياتها واتخاذ الإجراءات اللازمة”.
بدورها، كتبت السفارة الروسية في لبنان عبر صفحتها على “تويتر”: “نقول وداعا للرئيس ميشال عون الذي عملنا معه كل هذه السنوات. نتمنى له موفور الصحة والنجاح في اعماله اللاحقة. ونأمل أن ينجح شعب لبنان الصديق في تجاوز المرحلة الصعبة الحالية، الامر الذي لا يمكن تحقيقه إلا في إطار عمل بناء مشترك، يؤخذ فيه رأي الجميع بعين الاعتبار ودون تدخل خارجي”.
الى ذلك، اكد السفير السعودي لدى لبنان وليد البخاري أمس أن العلاقات السعودية -اللبنانية ستتحسن بعد تشكيل حكومة جديدة وانتخاب رئيس جمهورية سيادي يستعيد ثقة المملكة والدول المهتمة بالملف اللبناني، في وقت جدد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط من الجزائر أمس “تأكيد وقوف الجامعة العربية الى جانب الحكومة اللبنانية”. وشدد “على اهمية القيام بكل ما يلزم لاجراء الانتخابات الرئاسية اللبنانية في موعدها”.
لكن وفق المصادر، هذه المواقف تبدو كلّها من باب “رفع العتب”، وهي “باردة” قياسا بحجم التعقيدات اللبنانية، وتدل على ان لا خطة عمل خارجية، حتى الساعة، لمساعدة بيروت ومواكبتها في المرحلة المقبلة. فالاحتضان الدولي لها بدا محصورا بإبرام اتفاق ترسيم الحدود مع اسرائيل، حيث دخل خطيا على خطه الرئيسُ الاميركي جو بايدن شخصيا، الا انه عاد وتلاشى بعد التوقيع الخميس الماضي في الناقورة، ولم يعد لبنان بعد تلك اللحظة، حاضرا على قائمة الاولويات الخارجية ما دامت واشنطن اطمأنت وضمنت الاستقرار الامني في لبنان واسرائيل.
الآن، قد تعيد فرنسا تحريك محرّكاتها لتحاول، في مهمة لن تكون سهلة البتة، بلورةَ تسويةٍ ما، للوضع اللبناني، غير ان نضوجها لن يحصل سريعا، وهو سيحتاج الى بضعة اشهر، كي لا نقول اكثر، تختم المصادر.